الدعاء المستجاب من القرأن والسنة الجزء الاول|علاء الدين للمعلومات |
الدعاء يسعى الإنسان في حياته إلى تحقيق الكثير من الأحلام والأماني التي راودته منذ صغره، والتي غالباً ما تتعلّق باحتياجاتٍ ماديةٍ أو معنويةٍ أو عاطفية، تُغيّر مسار حياته إن استطاع الوصول إليها؛ وهي كثيرةٌ ومتنوّعة ولعلّ أهمها السعة في المال، والرزق بالولد أو الزواج للعازب أو راحة البال أو محبة الخلق، أو الشفاء من علة جسدية، أو النجاح في العمل أو الدراسة وما شابه ذلك. قد يتأخّر الفرد في نيل مراده، وقد يصبر لأشهرٍ أو سنواتٍ دون أن يرى شيئاً من أمانيه على الواقع، وهذا قد يجعله عبوساً ساخطاً على حياته، كارهاً لنفسه، حسوداً لغيره، لكن الله عزّ وجل ألهم المسلمين وسيلةً سريعة لتحقيق الأمنيات وهي "الدعاء" والتضرّع إلى الله لقوله تعالى:" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ". وقد جعل هناك أوقات مفضلة لدعاء المسلم تعجل له في الاستجابة، وفيما يلي بعض منها. أفضل أوقات الدعاء المستجاب للمسلم الدعاء في ليلة القدر: التي خصّها الله تعالى بعظيم الشأن لقوله: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ". وهذا جعل منها وقتاً مناسباً لاستجابة الدعاء، حيث تتزل فيها الملائكة إلى الأرض لتستمع إلى أدعية المسلمين المتضرّعين إلى الله، وتسأل الله لهم الإجابة السريعة. الدعاء في جوف الليل: وهو من أفضل الأوقات المعروفة لاستجابة الدعاء، وهي فترة ما بعد الساعة الثانية عشرة والتي تمتدّ إلى صلاة الفجر، وهذه الفترة ينزل الله تعالى فيها ليستمع إلى الداعين المستغفرين ليغفر لهم ويحقّق أمانيهم. الدعاء عند نزول المطر: وفيها تفتح السماوات أبوابها ويعجل الله للداعين أثناء المطر تحقيق أمانيهم التي يدعون بها الله في هذا الوقت المبارك. الدعاء وقت الشدة أو المرض: حيث إنّ الإنسان في وقت مرضه يكون الأقرب إلى الله تعالى ويُستجاب له دعاؤه، لذا عليه أن يدعو في مرضه لنفسه وللآخرين فإنّ دعوته مستجابة بإذن الله. الدعاء للحاج أو المعتمر: حيث إنّ دعاء المسلم أثناء وجوده على أرض مكة المكرمة يُعتبر من أفضل الأماكن لاستجابة الدعاء، وذلك أثناء طوافه بالكعبة المشرّفة للحجة أو العمرة، وخاصّةً دعاء يوم عرفة. الدعاء عند السفر: وفيه يُستجاب الدعاء للمسافر في الطائرة أو الحافلة إلى مكانٍ بعيد طلباً للرزق أو العمل. دعاء يوم الجمعة: حيث إنّ الدعاء في آخر ساعة من عصر يوم الجمعة يُستجاب له من الله عزّ وجل. الدعاء أثناء الأذان أو بين الأذان والإقامة: وهي من الأوقات المحبّبة للدعاء والتي تعجل للمسلمين استجابة الدعاء. الدعاء في الصلاة: حيث إنّ الدعاء أثناء سجود المصلي يُعدّ من أكثر الأوقات استجابةً للأدعية، لأن العبد يكون الأقرب إلى ربه، كما أن الدعاء بعد التشهّد الأخير وقبل السلام من الأوقات الأخرى التي يستجاب بها الدعاء. دعاء المظلوم: وهذا الدعاء ليس بينه وبين الله حجاب؛ فإذا دعا الظالم على من ظلمه يستجيب الله له ولا يخيب رجاءه. الدعاء بظهر الغيب: حيث إنّ دعاء المسلم لأخيه المسلم دون علمه فيه تفريج للكرب وفتحٌ للأرزاق. دعاء الصائم: وعليه فإنه يستجاب للصائم العابد في رمضان دعاءه وخاصةً قبيل أذان المغرب بدقائق.
يدعو كلّ إنسان ربّه في العادة ليحقّق له الكثير من الأمنيات، ولكن لا يجوز أن يدعو الإنسان بما فيه شرّ أو معصية؛ بل عليه التمنّي بأن يوسّع الله في رزقه، وأن يدخله جنّاته مع الأولياء الصّالحين، ونظراً لأهميّة الدّعوة سنذكر لكم في هذا المقال دعاءً مستجاباً نزل به جبريل عليه السّلام على محمّد صلّى الله عليه وسلّم. الدّعاء المستجاب لا إله إلّا الله الملك الحقّ المبين، لا إله إلّا الله العدل اليقين، لا إله إلّا الله ربّنا وربّ آبائنا الأوّلين، سبحانك إنّي كنت من الظّالمين، لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير، وإليه المصير، وهو على كلّ شيءٍ قدير، لا إله إلّا الله إقراراً بربوبيّته، سبحان الله خضوعاً لعظمته، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم. اللهمّ يا نور السماوات والأرض، يا عماد السماوات والأرض، يا جبّار السماوات والأرض، يا ديّان السماوات والأرض، يا وارث السماوات الأرض، يا مالك السماوات والأرض، يا عظيم السماوات والأرض، يا عالم السماوات والأرض، يا قيّوم السماوات والأرض، يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة . اللهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلّا أنت الحنّان المنّان، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام برحمتك يا أرحم الرّاحمين. بسم الله أصبحنا وأمسينا، أشهد أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله، وأنّ الجنّة حق، والنّار حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور. الحمد لله الّذي لا يُرجى إلّا فضله، ولا رازق غيره، الله أكبر ليس كمثله شيء في الأرض، ولا في السّماء، وهو السّميع البصير، اللهمّ إنّي أسألك في صلاتي ودعائي بركةً تطهّر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتصلح بها أمري، وتُغنى بها فقري، وتذهب بها شرّي، وتكشف بها همّي وغمّي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني، وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي، وتبيّض بها وجهي يا أرحم الرّاحمين. اللهمّ إليك مدّت يدي، وفيها عندك عظمت رغبتي، فاقبل توبتي، وارحم ضعف قوّتي، واغفر خطيئتي، واقبل معذرتي، واجعل لي من كلّ خيرٍ نصيباً وإلى كلّ خيرٍ سبيلاً.
مفهوم الدعاء كلمة الدعاء في اللغة مأخوذة من الجذر دَعَوَ، ويأتي الدعاء في اللغة ليدل على معانٍ عديدة منها: الطلب والسؤال، ومنها العبادة، والاستعانة، والاستغاثة، والنداء، والصياح، والقول، والتوحيد، والثناء، أما مفهوم الدعاء في الاصطلاح الشرعي، فقد قال الخطابي رحمه الله: "هو استدعاء العبد ربه -عز وجل- العناية، واستمداده إياه المعونة، وحقيقة إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة"، وكل ما جاء في معنى الدعاء لا يخرج عن كونه معنى من معاني السمو في العبودية لله -تعالى- من التذلل والخضوع، وتعلّق العبد في ظاهره وباطنه بين يدي الله.[١] Volume 0% أسباب إجابة الدعاء وعد الله -تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب؛ كالإخلاص، والصدق، وتجنب المعاصي والابتعاد عنها والحذر منها، والإقبال على الله، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شراً، فالله حكيم عليم بما يقدره،[٢] وفيما يأتي بيان لأسباب إجابة الدعاء:[٣] تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة. استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة. حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها. العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل. الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل. حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي. الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء. التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله. أنواع الدعاء أوصى الله -عزّ وجلّ- بالدعاء، وحثّ عليه في العديد من الآيات الواردة في القرآن الكريم، فقد قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٤] وللدعاء نوعان، أولهما: دعاء العبادة، وهو الذي يتضمن الثناء على الله -تعالى- بما هو أهله، ويكون مصحوباً بالخوف والرجاء من الله تعالى، وثانيهما: دعاء المسألة، وهو الذي يطلب به الداعي ما ينفعه، ويكشف ضره ويدفعه، فالذي بيده الضر والنفع هو الله، والدعاء الوارد في القرآن الكريم يقصد به دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، أو كلاهما، وقد جاء النوعين من الدعاء معاً في قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).[٥][٦] آداب الدعاء إن للدعاء آداب يتحلى بها المسلم، وفيما يأتي بيان لهذه الآداب بشكل مفصّل:[٧] البدء بحمد الله والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والختم بذلك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ).[٨] الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله. عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك. إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: (ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ).[٩] التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال. الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء. التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح. الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء. عدم تكلف السجع في الدعاء. الدعاء ثلاثاً، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسراً على الداعي. البكاء في الدعاء من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه. فضائل الدعاء وثمراته إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وثمرات جليلة، وفيما يأتي بيان لهذه الأهمية والفضائل والثمرات بشكل مفصّل:[١٠] الدعاء طاعة لله عزّ وجلّ، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،[١١] فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأوجده، وأحياه. الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي. الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى. سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور. سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه. دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعيناً بالله، مفوضاً أمره إليه. السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزاً عن الدعاء. ثمرات الدعاء مضمونة بإذن الله تعالى، فإذا كان الداعي حريصاً على شروط إجابة الدعاء، فإنه سيحصل على ثمرات دعاءه وخيره. سبب لدفع البلاء قبل نزوله.
مفهوم الدعاء كلمة الدعاء في اللغة مأخوذة من الجذر دَعَوَ، ويأتي الدعاء في اللغة ليدل على معانٍ عديدة منها: الطلب والسؤال، ومنها العبادة، والاستعانة، والاستغاثة، والنداء، والصياح، والقول، والتوحيد، والثناء، أما مفهوم الدعاء في الاصطلاح الشرعي، فقد قال الخطابي رحمه الله: "هو استدعاء العبد ربه -عز وجل- العناية، واستمداده إياه المعونة، وحقيقة إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوة"، وكل ما جاء في معنى الدعاء لا يخرج عن كونه معنى من معاني السمو في العبودية لله -تعالى- من التذلل والخضوع، وتعلّق العبد في ظاهره وباطنه بين يدي الله.[١] Volume 0% أسباب إجابة الدعاء وعد الله -تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب؛ كالإخلاص، والصدق، وتجنب المعاصي والابتعاد عنها والحذر منها، والإقبال على الله، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شراً، فالله حكيم عليم بما يقدره،[٢] وفيما يأتي بيان لأسباب إجابة الدعاء:[٣] تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة. استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة. حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها. العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل. الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل. حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي. الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء. التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله. أنواع الدعاء أوصى الله -عزّ وجلّ- بالدعاء، وحثّ عليه في العديد من الآيات الواردة في القرآن الكريم، فقد قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[٤] وللدعاء نوعان، أولهما: دعاء العبادة، وهو الذي يتضمن الثناء على الله -تعالى- بما هو أهله، ويكون مصحوباً بالخوف والرجاء من الله تعالى، وثانيهما: دعاء المسألة، وهو الذي يطلب به الداعي ما ينفعه، ويكشف ضره ويدفعه، فالذي بيده الضر والنفع هو الله، والدعاء الوارد في القرآن الكريم يقصد به دعاء العبادة، أو دعاء المسألة، أو كلاهما، وقد جاء النوعين من الدعاء معاً في قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).[٥][٦] آداب الدعاء إن للدعاء آداب يتحلى بها المسلم، وفيما يأتي بيان لهذه الآداب بشكل مفصّل:[٧] البدء بحمد الله والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، والختم بذلك، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ).[٨] الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله. عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك. إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: (ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ).[٩] التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال. الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء. التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح. الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء. عدم تكلف السجع في الدعاء. الدعاء ثلاثاً، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسراً على الداعي. البكاء في الدعاء من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه. فضائل الدعاء وثمراته إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وثمرات جليلة، وفيما يأتي بيان لهذه الأهمية والفضائل والثمرات بشكل مفصّل:[١٠] الدعاء طاعة لله عزّ وجلّ، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،[١١] فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأوجده، وأحياه. الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي. الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى. سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور. سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه. دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعيناً بالله، مفوضاً أمره إليه. السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزاً عن الدعاء. ثمرات الدعاء مضمونة بإذن الله تعالى، فإذا كان الداعي حريصاً على شروط إجابة الدعاء، فإنه سيحصل على ثمرات دعاءه وخيره. سبب لدفع البلاء قبل نزوله.
إرسال تعليق