دعاء للميت مؤثر جدا بصوت عذب -صدقة جارية |
كتب الله علينا في هذه الدُنيا الموت ، كما كتب علينا الحياة فيها ، فكل بني آدم سيموتون و يبقى وجه الله عز وجل فقط . فعند موت الإنسان ، هل تنتهي أعماله فعلاً ؟ أم هنالك أعمال قد تجعل عمل هذا الميت مستمرٌ ؟ وهل نسطتيع تخفيف عذاب القبر للميت ؟ الدعاء من النعم التي أنعمها الله تعالى علينا في الدُنيا ، لنستطيع بوح ما في صدرونا ودعائه عز و جل بما تطلبه أنفسنا من الدنيا أو من جزاء للآخرة ، فعلى اختلاف الناس بلغاتهم و أشكالهم و ثقافاتهم ، إلا أننا كلنا ندعو الله ، وكلٌ له أسلوبه وطريقته في التعبير عن ما يحتاجه من الله تعالى في دعائه .
وعند موت الإنسان ، ينتهي عمله إلا ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له . فإذا دعى الإنسان بالرحمة والمغفرة للميت ، لم ينطقع عمله ، ويخفف الله عن الميت بقدر ما يُدعى له من قبل الناس . لذلك دعانا الله للدعاء للأموات حتى نخفف عنهم في القبور ، و يستمر عملهم في الدنيا كأنهم لازالو أحياءً عليها . فالميت في قبره يكن كالغريق ينتظر دعوة من أخيه أو أبيه أو صديقه فإن نال الدعوة يسعد بها وتكن له أحبُّ من الدنيا وما فيها . ومن أجمل الأدعية التي قد ندعوها للميت : اللهم عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله.. وأجزه عن الإحسان إحسانا وعن الإساءة عفواً وغفرانا..اللهم أنظر إليه نظرة رضا فإن من تنظر إليه نظرة رضا لاتعذبه أبدا . اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار . اللهـم إن كان محسناً فزد من حسناته ، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته . و ليس الدعاء فقط من بخفف عن الميت ويرحمه في قبره ، بل أيضاً الإستغفار له والتصدق باسمه وقراءة القرآن الكريم له ، كل هذا يكتب لك حسناتٍ لدعائك واستغفارك و قرائتك للقرآن له ، و تخفف عنه قدر المستطاع وترجو الله أن يغفر له بدعائك الدائم له . وكما دعوت للميت في قبره ، سيسخر الله لك أحداً يدعو لك بالرحمة و المغفرة عند موتك . فالدعاء عبادة ،على كل مسلم و مسلمة دعاء الله تعالى في كل الاوقات ، الحزينة و السعيدة ، عند الموت و عند الفرح ، لأن الدعاء دليل واضح على اعتراف العبد بضعفه لله وحاجته إليه في كل مناحي الحياة ، فيدعو لميته و يدعو لأهله و يدعو لنفسه ، وبين دعائك والله سماءٌ شاسعة تحمل دعائك لله ليسمعه الله فيسعد بك .
الدعاء في ظهر الغيب
يعتبر دعاء المرء لأخيه دون علمه من أجمل معاني الأخوة في الله، وأصدق مشاعر الحب، والدعاء عموماً من أعظم العبادات التي يتوجه بها العبد لربه جلّ وعلا، وهنا لا بدّ من التنويه إلى أنّ المبادرة بهذا الفعل دون طلبه هو الأفضل مع جوازه بطلب صريح من الآخر شريطة مراعاة ألا يعتاد الإنسان طلب الدعاء من غيره ويتخلّف عن فعله بنفسه، وأن يضمن عدم اغترار الشخص المطلوب منه. فضل ومشروعيّة الدعاء في ظهر الغيب فضل الدعاء في ظهر الغيب تجدر الاشارة في البداية إلى الفارق الكبير بين الدعاء لشخص ما بقصد الحصول على منفعة ما، والدعاء الخالص دون أي مصلحة، فالأول لا فضل فيه، وأما الثاني فكله خير، ويمكننا تلخيص فضله في ما يلي: تطييب خاطر الطرف الآخر سواء أكان أخاً، أم صديقاً، أم جاراً، وإدخال المسرة إلى قلبه. استجابة الدعاء وتوكيل الله سبحانه وتعالى ملكاً في مَن عنده فيقول للداعي: ولك بالمثل، وذلك تصديقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ) [حديث صحيح]. الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإحياؤها، ومن أحيا سنة محمدية فله أجر من عمل بها لا ينقص من أجره شيئاً، فالنبي كان يدعو لأصحابه وزوجاته وأمته من بعده. تقوية أواصر المحبة والود بين الطرفين. مبادلة الفعل نفسه من الطرف الآخر، فما من أحد يعلم أنّ فلاناً يدعو له إلا دعا له بالمثل؛ وذلك من باب ما جزاء الإحسان إلا الإحسان. استمرار الدعاء بين الطرفين بعد وفاة أحدهما نتيحة تعودهما عليه، والدعاء أبقى للميت الذي لا يملك شيئاً وقد انقطع عمله. تعويد الداعي على الإخلاص ونفع غيره بلا أجر أو عوض. دليل قوي على صلاح قلب الداعي وسلامة سريرته من كل حقد، أو غل، أو حسد تجاه الطرف الآخر. دليل على مكارم الأخلاق وكرم النفس. مشروعية الدعاء في ظهر الغيب وردت مشروعية دعاء المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب، سواء أخصّ الشخص الداعي شخصاً واحداً أم جماعة بكاملها، وسواء أكان ذلك أمام الشخص أم في غيابه، وحكمه في الشريعة الاسلامية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، و فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبَ نفسٍ، قلت: يا رسول الله، ادع الله لي، قال: (اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، وما أسرّت وما أعلنت، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الضحك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيسرّك دعائي؟)، فقلت: وما لي لا يسرني دعاؤك، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه لدعائي لأمتي في كل صلاة) [حديث صحيح].
فضل الدعاء بظهر الغيب
جاء في فضل الدعاء للمسلم بظهر الغيب قوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْل)،[١] وقد ذكر الإمام النووي في شرح هذا الحديث أنّ فضل الدعاء بظهر الغيب أي في غيبة المدعو له يتحقق للمسلم إذا دعا لأخيه المسلم، كما يتحقق له هذا الفضل إذا دعا لجماعة من المسلمين، كما أنّ هذا الفضل يتحقق على الظاهر للمسلم إذا دعا للمسلمين جميعاً، فالله سبحانه وتعالى يستجيب للمسلم الذي يدعو لأخيه، وتتحقق له مثل هذه الاستجابة بفعله هذا،[٢] ولا شك بإنّ الدعاء للمسلم بظهر الغيب يدل على أنّه متميز عن غيره في أنّه يحب حصول الخير لإخوانه كما يحبه لنفسه،[٣] وامتثالاً لهدي النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).[٤] مسألة في جواز طلب الدعاء من الغير الأصل في طلب الدعاء من الغير الجواز ولكن ينبغي أن يراعي المسلم في ذلك ما يلي:[٢] أن لا يعتاد المسلم على طلب الدعاء من أخيه حتّى لا يتوانى عن الدعاء لنفسه. أن لا يخشى من حصول العجب والاغترار في نفس الشخص الذي يطلب منه الدعاء. أن يقصد من طلبه الدعاء من أخيه المسلم أن يتحقق النفع له ولأخيه، لأنّ الملائكة تؤمن على دعاء من يدعو لأخيه بظهر الغيب. حكم الدعاء على الغير بالشر لا يجوز الدعاء على المسلمين فيما يضرهم، وذلك أنّه نوع من أنواع الظلم التي لا يستحق أن يعان المسلم فيها، أو يؤمن على دعائه من قبل الملائكة، أما من كان مظلوما فإنّه يجوز له أن يدعو على من ظلمه شريطة أن يكون الدعاء بقدر مظلمته، والأولى له أن يسعى في طلب حقه ممن ظلمه من الجهات المسؤولة،[٥] لقوله تعالى (لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ).[٦]
فضل الدعاء للغير
إن الدعاء للمسلم في ظهر الغيب من أعظم أسباب إجابة الدعاء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ)،[٣٨] فجميل أن يحب الإنسان لغيره ما يحبّ لنفسه، ويخلص في الدعاء، فالنفع عائد له كذلك،[٣٩] لذلك يستحب أن يدعو المسلم لأخيه بالهداية، والمغفرة، والاستقامة، والتوفيق، والصلاح والرحمة والخير كله، سواء أكان أخيه، أم صديقه، أم جار له، أم قريب له، ولكل مسلم، وعندما يدعو المسلم لغيره فإن الملائكة تقول له "ولك بالمثل"، فإذا دعا لغيره بالذرية الصالحة والزوجة الصالحة والسعادة والرزق، فالملك يدعو له بالمثل كذلك، فما أعظم الدعاء.[٤٠]
إرسال تعليق